الدكتور أمين قادري

إن ربي قريب مجيب..
إن ربي قريب ممن ناداه، مجيب لمن دعاه، شعرت بذلك في صلاة الوتر، حين قرأت سورة الفاتحة، قرأتها محاولا استجماع نفسي وعقلي وتوجهي بالدعاء (اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين). إن في المحن لخيرا عظيما، لأنها تذكر كل واحدا منا بحقيقة أنه ضعيف، وأنه جاهل وأنه حائر، وأنه لا ينقذه من ضعفه وجهله وحيرته إلا رب العالمين الرحمن الرحيم، إننا نبحث عن الصراط المستقيم لنأمن من جهلنا ونستريح من حيرتنا، ونستقوي على ضعفنا، ونحن نبحث عن الطريق الذي به نجا من نجا ممن أنعم الله عليهم، ونحذر أن تتهاوى بنا سبل المغضوب عليهم فينالنا من سخط الله عليهم، أو سبل الضالين فنضل معهم..
استجمعت نفسي ثم نهجت به وأنا أبحث عن أقصى درجات الرغبة فيما عند الله: "آمين". وكنت قد وطنت نفسي على أن أكِل أمر الإجابة إلى مشيئة الله وحكمته متى أراد ذلك سبحانه، ولم يخطر ببالي أن تكون أسرع إليّ من التقاط النفَس، وكأن صوتا من معارج القدس ينزل إلى منازل النفس يقول لي: أتريد حقا أن تسلك الصراط المستقيم وتسير في طريق عباد الله الصالحين؟ إذاً: (قل هو الله أحد) لتبرأ من الملة المشركة، (الله الصمد) الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، الغني الذي يغني الفقراء، لتبرأ من الملة الصالبة التي قالت إن الله فقير ونحن أغنياء، (لم يلد ولم يولد) لتبرأ من الملة المصلوبة التي جعلت الإله والدا والمولود إلها، (ولم يكن له كفوا أحد) لتبرأ من كل تسوية في حق مولاك في محبته ومخافته وتعظيمة، فإذا أنت قد وضعت أول خطوك على الصراط المستقيم، ولم يبق إلا أن تسعى في أثر الذين أنعم الله عليه، لتبلغ سعيهم أو تقفو أثرهم..

(وفي أموالهم حق معلوم . للسائل والمحروم)

كم من دينار إن كان في ميزان ذهبك كان نارا، وإن كان في ميزان أجرك كان جنة..!

".. وإذا تأمل المرء ما يتشاغل به عن الهم إذا حضر، ويتصبر به على الخطب إذا نزل، لم يجد أمرا أنفع ولا أدوم ولا أشفى للصدر ولا أروح للنفس ولا أذهب للحزن من تلاوة القرآن وتعاهد الذكر، ولهذه الآثار وجوه وأسباب، منها أن القرآن يعلمه أن الواعد بالرخاء هو المخبر بالبلاء، فصدقُ وعدِه فيما بشّر معلوم بضرورة العلم بصدق خبره فيما أنذر، ومنها أنه أنزل البشائر برفع البلاء قبل حصول البلاء حتى إن كادت لتسبقه في الوقوع، ومنها أنه لم يذكر في القرآن بلاء مقدورا إلا حفد ذكره بالحكم العظيمة والأسرار البديعة، حتى إن أهل المعرفة ليدفعونه بالدعاء لملاحظة اسم اللطيف، ويتحيّنونه بالاعتبار لملاحظة اسم الحكيم، ومنها أن الله طيب الخواطر في القرآن بمواعيد الأجور العظيمة والمراتب المنيفة لمن صبر على البلاء وعامل الله فيه، فالله تعالى المسؤول أن يأجرنا في البلاء ويعقب علينا الرخاء ويديم علينا عافية الدين ويثيب علينا عافية الدنيا".

اُضرُب.. اُضرُب..!

أجمل لحن في باب الثلاثي المجرّد

ما لا يجب نسيانه..
-47 يوما من القصف الوحشي على غزة

-ليلة المعمداني

-ليلة الشفاء

-عشرون ألف شهيد.

-عشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين.

-ماكدونالدز تهدي وجبات مجانية لجنود الاحتلال

-الخونة وحلولهم: نقل أهل غزة إلى صحراء النقب، التهجير إلى سيناء

-الخونة وتجريم المقاومة في المحافل الدولية

-متعيطش يا زلمة..!

https://youtu.be/rtm7KeQ1bhE?si=SfNUWHOZDfquVGVU

حوار_الخبر : رئيس جمعية "البركة" أحمد الجزائري:"سقوط 18 شه/ ي/دا جزائريا في غ// ز ة" انضموا إلى قناة الخبر على يوتيوب: http://bit.ly/alkhabarشاركونا في صفحتنا على الفيسبوك: https://www.facebook.com/elkhabarnews تابعوا حسابنا الرسمي على تويت...

الإسلام والسلام..
لا أتوقف عن متابعة ما يحدث في العالم الغربي من انعطاف غير مسبوق إلى التعرف على الإسلام وقراءة القرآن، وكأن كلّ روح ترتقي في (غـ. ـز. ة) و(فـ. ـلـ. ـسـ. ـطـ. ـين) تحيا مكانها روح أخرى في أمريكا وأوروبا، وكأن كل صوت ينقطع على كلمة توحيدٍ ترسم نهاية حياة؛ ينطلق بكلمة التوحيد نفسها ليعلن بداية حياة أخرى..!
اللافت للنظر أن كثيرا ممن صوروا لأنفسهم مقاطع مرئية وهم يقرؤون القرآن، أو يعبرون عن إعجابهم بالإسلام، أو يبشّرون بنطقهم الشهادتين، يتحدّثون عن إحساس يكاد يكون موحدا بينهم، إنه ليس إحساس النشوة، ولا التحمّس، ولا اللذة، وإنما هو إحساس "السلام"، وحين يتحد الإحساس المكتشَف، فإن هذا أعظم مؤشر على الإحساس المفقود في العالم الغربي..
يعاني العالم الغربي من افتقاد السلام، مع أن المشروع الغربي يقوم على "الأمن"، سواء كان عسكريا أو غذائيا أو صحيا، وهي مقومات ما يسمى عادة الأمن القومي، كما يقوم هذا المشروع على مفهوم القوة والتحكم، في مساحاته السياسية وفي خارج حدوده عن طريق الجيوش والدبلوماسية والصراعات الصامتة(الاقتصادية والثقافية). ومع ذلك فإن الإنسان الغربي يشعر باضطراب عميق جدا، مرجعه إلى أن التفاوت الكبير في هذه المقومات بين العالم الغربي وبقية العالم من جهة، وبين أفراد المجتمعات الغربية أنفسها من جهة أخرى يفقد أي معنى..
وحين نستمع بتمعن إلى تصريحات الغربيين المسلمين حديثا أو المعجبين بالإسلام والمهتمين به، نكتشف أنهم يعلنون ويصرّون أنهم وجدوا في الإسلام وفي القرآن الإجابات التي لم تستطع أديان الغرب البالية ولا فلسفاته التائهة ولا إعلامه الكاذب أن تعطيهم إياها، تلك الإجابات هي التي ترجعهم إلى حالة الاتزان التي افتقدوها، فالسلام الذي يتحدّث عنه الغربيون-فيما يبدو لي- هو الظفر بالمعنى، وإدراك أن لكل شيء معنى، وأن العالم الذي يبدو ظاهره مليئا بالتناقضات الصارخة والعبثية الفجة ينتهي في تصور الإسلام إلى مستوى تنسجم فيه المعاني وتتناغم فيه الأحداث وتنتهي فيه الأفكار إلى حقيقة واحدة هي توحيد الربوبية، وهنا تذعن هذه الأرواح التائهة للرب الواحد بتوحيد الألوهية..
إن السلام هو إدراك أن ثمة معنى، وفي مستوى أعلى هو إدراك جزء من المعنى، ثم الاستجابة لله ولرسوله في سبيل إدراك المعنى كله في الدار الآخرة، وهنا يمكن أن يتلاقى العالم الغربي الذي نشأت فيه الأسئلة مع العالم الشرقي الذي نزلت فيه الأجوبة. وفي هذا اللقاء فقط يمكن للمرء أن يتصالح مع نفسه ويحقق السلام الداخلي، لأن السلام الداخلي ليس هو حالة من النشوة المخدّرة، ولا من غياب الوعي، كما تصوّره الصوفيات وأديان الشعبذة، بل السلام الداخلي هو اتحاد التوجه بين فطرة القلب وتصور العقل ومطالب الجسم، كما جاء في حديث الركوع: "اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي، وبصري، ومخي، وعظمي، وعصبي، وما استقلت به قدمي"..
ولا بد قبل الختام من كلمة عنا، نحن الذين يفترض أن نحمل رسالة السلام إلى الهاربين من الحيرة والباحثين عن المعنى: هل نجد هذا السلام في قلوبنا؟ أم هل زهدنا فيه وقررنا أن نشتري به الأمن القومي وقوة التحكم؟ إن أحداث اليوم تصوّر لنا أن خير الناس في زماننا وهم أهل الرباط والنافذون بالعزيمة في نحر العدو قد استيقظوا قبلنا جميعا وقرروا أن يعقدوا صفقة السلام مع الله، فتراهم يضطربون هنيهات كحال كل شيء يصدمه جسم بقوة، ولكن سرعان ما يرجعون إلى الاتزان، وإلى السلام، أي إلى المعنى..
إن هذا الرجوع السريع إلى السلام هو الذي يدهش الغربيين اليوم، لأن أحد أعظم مخاوف الإنسان الغربي هو تلك الصدمة التي قد تغير مجرى حياته فجأة لأنه غير مهيأ نفسيا لاستقبالها، وفجأة يكتشف الإنسان الغربي الإنسانَ المسلم في (غــ. ــز. ة)، والذي يملك قدرة خارقة على تجاوز الصدمة مهما كانت فظيعة ومدمرة. إن الإنسان الغربي الذي تعوّد على النظر إلى بقية العالم باستعلاء، يقف الآن دهشا أمام أبطال (غــ. ــز. ة) كما ينظر الطفل الصغير بإعجاب وإكبار إلى البطل العظيم وهو يبتسم في وجه الأحداث لأنه موقن بأن العاقبة له..
إن الغرب كان ولا يزالُ ولن يزالَ ذلك التلميذ الكبير الذي كلما ظن أنه استقل بالمعرفة اصطدم بالتساؤل، فيرجع مرة أخرى متطامنا جاثيا على ركبتيه أمام معلّمه: الشرق؛ مهبط الوحي وأرض الأنبياء، يتعلم منه الحكمة ويجد عنده السلام، وما دام أن الغرب قد جاء كعادته ليبحث عن هذه الحاجة الملحّة، فقد صار لزاما علينا أن نخبره أن هناك من يريد أن يقتل المعلم، وأن المعلم إن مات فلن يجد بعد اليوم جوابا ولا سلاما..

كيف يُكتَبُ آخر فصل من رواية فاشلة..
لا بد أن أي رواية فاشلة تمثل لكاتبها ألما خالصا، لأنه ألم لا دور له، إنه ليس ألم مخاض تعبر من خلاله الفكرة العبقرية نحو الحياة، وليس ألم حمى ينتفض من خلاله الجسم ضد الموت المعنوي، إنه ألم مستمر لا يجد المؤلف بدا من تحمله، إن الرواية الفاشلة نوع من السيرورة الحتمية مثل الإنسان الذي يسقط من ارتفاع شاهق، والذي يدري أن صراخه أو تخبطه أو تحريك ذراعيه لن يغيّر شيئا من حركته ومصيره المحتوم الذي يرى نفسه متجها إليه بأقصى سرعة..
ومع هذا كله فإن الكاتب يرى نفسه مسوقا بقوة لا يملك لها تفسيرا نحو كتابة آخر فصل من روايته الفاشلة، ولأن فشل الرواية ليس سببه الفصل الأخير، وإنما هو فشل منطلِق من أول كلمة في العمل (الفني!)، فإن الفصل الأخير لا ينتظر منه أية عبقرية يمكن أن تنقذ حبكة القصة، بل هو استمرارية وتجلٍّ: إما لبراعة الكاتب أو لبلاهته..
وهكذا، فإننا نجد أنفسنا في الفصل الأخير أمام أحد احتمالين: إما أن يحتوي الفصل على كم رهيب من الإكراهات الفنية، أمام عناصر في القصة لا موجب لها، وتحولات لا تفسير لها، ونتائج لا أسباب لها، وبالتالي، فلا يمكن أن تنال قبول القارئ بأي حال من الأحوال، لأنها لا تستثير منطقيته في بناء الأحداث ولا خياله في تصورها. بل يتألم القارئ مع الكاتب لأنه يشعر حقيقة أن عنقه يلوى ليمر من المنفذ الأخير للقصة، إنه يشعر لألم إجباره على التصديق بأن واحدا مع واحد يساوي ثلاثة..!
وأما الاحتمال الثاني فهو العبثية، أو اللامعنى، وذلك حين يقرر المؤلف التنازل عن دوره في الأخير، ويدع للكلمات أن تتراصف وللأحداث أن تتابع كأنها قطع باقية من ورقة ممزقة، إن الكاتب يفقد كل سلطة على الفصل الأخير، فتذهب الجمل في كل اتجاه، وكأنّ كل واحدة منها تريد أن ترسم نهاية خاصة بها، من غير أن تنجح واحدة منها في ذلك. إن المشهد العبثي يشبه حُلما في ليلة محمومة، لا يقطعه إلا الاستيقاظ منه ثم نسيانه، إنه ليس حقيقة، وليس رؤيا، وإنما هو أخلاط وأضغاث لها أسباب يعمل الجسم على التخلص منها..
أطرف ما في الرواية الفاشلة أن الكاتب الفاشل بعد أن يسطر آخر فصولها، قد ينافس فشله الفني بفشل وجودي لا يقل عنه ألما، فيطبعها بأمواله، ويشتري لها نقادا ومنوهين بأمواله، ويبتاع ذات النسخ مرة أخرى بأمواله، لأنه يدرك بآخر ما بقي له من عقل أن فشله لا يمكن أن يغري المعجبين ولا أن يستثير المشفقين.
نعم أيها السادة، لقد كتب علينا أن نعيش لنشاهد كيف يكتب بعضهم آخر فصول رواية فاشلة، ومع عبثية المشهد وإكراهاته، فإننا نشعر بسعادة خفية ونخفي بسمة ساخرة، حين نعلم أن العالم سيتخلص أخيرا من أحد الفاشلين..

حين تقترح لأحدهم بدائل للبضائع المقاطعة فيقول لك: لا مجال للمقارنة، فاعلم أنه شخص يفكر بحواسه بدل عقله، ويقرر بحاجاته بدل مبادئه، إنه الزبون الأحمق الذي صنعته الرأسمالية بنجاح..

لا يكن كلامٌ مهما عظم وحسُن وصح في الأذهان وراق للأذواق، وراح بالفلاح على الأرواح؛ أعظم عندك من الوحي، بل لا يعظمْ عندك كلام إلا بمقدار قربه من الوحي، واجعل الوحي شغل وقتك وغذاء قلبك..

ما أعجب هذه الآية: (قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون)

فإنها تحكي قول قوم قلبوا حركة السير السننية، فجعلوا النتيجة شرطا في تحقيق السبب، وعلقوا دخولهم الأرض بخروج أعدائهم، وهل طلب منهم دخول الأرض إلا لمزاحمة عدوهم ومراغمته وإخراجه. فلما نكلوا وأرادوا إبراء ظاهرهم اشترطوا ما وُعدوا لإنفاذ ما به أُمِروا.

وهل هذا إلا حال طائفة عظيمة اليوم، اشترطت التمكين لإقامة فريضة ال.ج.ه.ا.د، وأغفلت أو استغفلت أن الفريضة شرط التمكين، وأن الله تعالى إنما جعل التمكين جزاء معجلا للصادقين، وتثبيتا لقلوب الصابرين، يجازيهم به على بذل المهج وسفح الأموال وترك العيال في سبيله.

فهذا المذهب على التحقيق مذهب قعدة بني إسرائيل الذين لم يرضوا بالقعود ضعفا حتى جعلوه دينا، فالله يتولى نصر دينه وإعلاء كلمته، ويجعلنا ممن يتولاه في السر والعلانية، والمنشط والمكره.

من أعظم المواضع في القرآن أواخر سورة الجاثية، حين يخبرنا الله تعالى عن حساب الأمم، وذلك لما تتواصى به من نصر الحق، أو من حمل الباطل. وكيف تتمايز هذه الأمم يوم القيامة كتمايز الأفراد.

حقا، إن من أعظم العزاء العلم بسابق القضاء..!
(وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوۡمَئِذٖ يَخۡسَرُ ٱلۡمُبۡطِلُونَ (27) وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٖ جَاثِيَةٗۚ كُلُّ أُمَّةٖ تُدۡعَىٰٓ إِلَىٰ كِتَٰبِهَا ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ (28) هَٰذَا كِتَٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيۡكُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّا كُنَّا نَسۡتَنسِخُ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ (29) فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَيُدۡخِلُهُمۡ رَبُّهُمۡ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِينُ (30) وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَفَلَمۡ تَكُنۡ ءَايَٰتِي تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ وَكُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ (31) ).

خاطرة في آيتين..
يقول الله عز وجل: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) ).
لما فرّق الله تعالى بين إرادته الشرعية وإرادته الكونية، أراد سبحانه أن يثبت قلوب المؤمنين بأن يبين لهم أن تعطيل من عطل الأوامر الشرعية لا يعود بالشرّ إلا على معطّلها، وأنه إذا قام بها فاعلها فإن معطّلها لا يضره شيئا، وإن وقع على القائم بأمر الله بعض الضرر من ترك التارك له، فليس إلا من قِبَل ما يزيد في أجر الصابر عليه، الماضي على أمر الله فيه، فدعا الله القائمين بدينه إلى ملاحظة حكمته في تقديره وإن جرت على خلاف محبوباته ومأموراته، ليعلمهم أنه ما دعا العباد إلى إنفاذ أمره إلا لنفعهم وخيرهم، وأن أمره سبحانه في الخليقة نافذ بفعلهم وتركهم وسعيهم وقعودهم.
فلما علم المؤمنون ما عليه أهل القعود من السعي في تعطيل إقامة شريعة الله تعالى، تيقنوا أنهم نُصروا بإقعاد الله لهم عن متابعتهم، وحبس فساد رأيهم وضرر غشهم عن أن يداخل نصح المؤمنين وصحة رأيهم وإحكام أمرهم، فتوحدت كلمة أهل الإيمان بصرف أهل النفاق عنهم، وصحت عزيمتهم بقطع المثبطين عن مخالطتهم، وصفاهم الله من شوائب الخالفين، كما يصفى الذهب من شوائب الأرض..

اللهم لا سبب إلا بمشيئتك، ولا أثر إلا بتقديرك، اللهم فارزق إخواننا شبعا على قلة الزاد، وريا على قلة الماء، ودفئا على قلة الملبس، وأسُ جراحهم بعافية منك تغنيهم عن الدواء، واجعل في قلوبهم سكينة لا يزيلها بأس الأعداء، اللهم هذا الدعاء وفيك الرجاء ولا حول ولا قوة إلا بك..

لنتذكّر أيها السادة في كل لحظة:

(وما النصر إلا من عند الله)
(إن ينصركم الله فلا غالب لكم)
(لا قوة إلا بالله)

واذكروا قولة عمر رضي الله عنه: إن الله هو الصانع، لا ابن الخطاب ولا ابن الوليد..

اللهم انصر عبادك المجاهدين في سبيلك، وأيدهم بروح منك يا عزيز يا رب.. لا حول ولا قوة إلا بك

#غزة #فلسطين #مقاطعة

فن الموت.. الوجه الآخر للحياة..
أكبر فزاعة تصادَر بها حرية الإنسان وقراراته هي "فزاعة الموت"، وفزاعة الموت هي شيء آخر غير الموت، فالموت ينتمي إلى الإدراك الإنساني، لأن الإنسان من يوم يولد وهو يشاهد قوافل الموتى، وفي يوم من الأيام يحمل متاعه كذلك ليلتحق بها. فالموت عنصر مهم جدا لإعطاء الحياة معناها، وأما "فزاعة الموت" فهي ضد الحياة، لأنها لا تحدّ الحياة بل تساومها، وخصوصا إذا حرّك هذه الفزاعة من ليس له الحق في إجراء أحكام الحياة والموت. وفزاعة الموت مؤثرة لأنها لا تمثل بالنسبة للإنسان حتمية الموت، بقدر ما تمثل نتانة الإكراه البشري. وعوض أن يطمئن الإنسان أمام القضاء الإلهي، فإنه يضطرب للتهديد البشري. وفي كثير من الأحيان يرضخ الإنسان لأثر هذه الفزاعة، ويستكين ذليلا لأوامر من يحرّكها ورغباته وأهوائه.
إلا أن هذه الفزاعة تفقد قدرتها وأثرها، بل تفقد معناها أمام الفلسفات التي تعيد القيمة للموت، فلا تجعله مضادا للحياة، بل تجعله مكملا لها، ولا تعدّه نهاية المشاريع بل مرحلة فيها. هذه الفلسفات التي تعيد الاعتبار لمعنى الجماعة وتجعل بقاء الجماعة واستمرارها وتقدمها هو الحياة، وتعد الموت هو الوقود الذي تتحرك به الجماعة نحو تحقيق مشروعها، غير أن كثيرا من هذه الفلسفات تغلط في شيء آخر، وهو أنها تمحو وجود الفرد أمام الجماعة، وتجعله في نية الفناء والعدم، وهذا وإن تحرك بالجماعة في مرحلة معينة فلا بد أن يتوقف حين يستيقظ في الإنسان صوت فرديته، وهكذا تحطمت الآلة الشيوعية مثلا مع ما كانت عليه من الضخامة والجبروت..
الإسلام وحده(وأعني بالإسلام دين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام)، هو الذي عدل هذا الميزان الدقيق، وأعاد الاعتبار لموت الفرد في مسار حياة الجماعة، فلم يجعل الموت مجرد فناء لا معنى له، ولا جعله حتمية أمام مسيرة الأمة، وإنما جعله معنى من معاني بناء الأمة، فالمسلم يعلم ويؤمن ويعايش حقيقة أن الموت في سبيل الله ليس (فناء)، وإنما هو (انتقال)، إنه معبر إلى حياة أكمل، وهو في الوقت نفسه تمهيد للطريق السالك للأمة كلها نحو هذه الحياة..
يرجع للمسلم حريته من خلال الموت نفسه، لأن الموت في سبيل الله اختيار، ولنقل هو "أسلوب"، أسلوب في العبور إلى الحياة الكاملة، وهكذا يتحول المشهد إلى مشهد ساخر حين تلوّح بفزاعة الموت لمن يعتبر الموت المقترح عليه فرصة لا تتاح للجميع. إنك تلوّح بصورة مخيفة أمام عيون تراها صورة جميلة، إنك تحاول أن تطرد عنك النحل بالرحيق..! لا تستطيع أن تواجه عدوا غيّر عقيدته العسكرية، وتحوّل من منهج الدفاع إلى منهج الانغماس، خصوصا إن كانت عقيدته أنه حين ينغمس في جنودك فإنما ينغمس في أنهار الجنة..!
ولا يبقى لك حينئذ إلا أن تنظر أنت بعينيك إلى فزاعة الموت التي كنت تهدد بها الآخرين لتعلم أنك ضحيتها المقبلة، وأنك تحمل بيدك فزاعة الموت، وترى في مقابلك "الموت نفسه"..!

غزة وتلّ أبيب.. مفارقات
غزة خراب ينتظر الحياة، وتل أبيب حياة تنتظر الخراب..
غزة امتلأت بالطمأنينة، فضحت بالأمن، وتل أبيب راهنت على الأمن، ففقدت الطمأنينة..
غزة أسير ينتظر الفرج، وتل أبيب مجرم ينتظر الحكم..
غزة شجرة حق تنمو، وتل أبيب قلعة باطل تتهاوى..
غزة قضية شرف يلتف حولها الشرفاء، وتل أبيب قضية سرقة يشهد لها اللصوص..
غزة ميلاد مشروع، وتل أبيب إعلان إفلاس..
غزة أنفاق كالعروق تجري فيها دماء جديدة، وتل أبيب قبة حديدية تختنق تحتها أنفاس الجبناء..
غزة هي لحظة استيقاظ بعد كابوس اسمه تل أبيب..

إن لم تكن لك كُتْب العلم هادية...إلى فكاك خطوب الدهر والنُّوَب
ولم يسِر بك نور الفهم مقتبسا...من حكمة القول للإنجاد في الكُرب
فليس تقليبك الأسفار منقبة...إلا كتقليب سيفٍ شُدَّ من خشب
إن لم تر العين في أرتال مكتبها...أبا عبيدة فالإبصار في عطب..!
أمين يوسف الأحمدي قادري

من بركات الثورة أن تكون مُلهِمة لكل حرّ، متجددة عند كل حق..!

بشرى سارة ...

من فقه اللحاق..
أخرج الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه عن قتال بدر، فقال يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع! فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين، ثم تقدم، فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ: الجنّة ورب الكعبة، إني أجد ريحها من دون أحد، قال: سعد فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل، ومثل به، أو مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، قال أنس: كنا نرى، أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه، وفي أشباهه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) إلى آخر الآية".
وبعد: فإن في هذا الخبر العظيم من فقه العمل وأدوية علل النفوس أمورا عظيمة، مما يتعلق باللاحقين إلى ميادين العمل، وأحب أن أنبّه من ذلك على أمرين:

1-الأول: أن الله تعالى قد يجعل اللاحق عيبة صدق للسابق، وذخيرة يذخرها له يقويه بها ويسنده، وويؤيّده ويعضده، وربما كان للاحق من الفضل والنفع للإسلام والإثخان في عدوهم ما يعدل به السابق إذا خلصت النية وصدقت العزيمة وقوي طلب الإدراك..

2-الثاني: أن من دخل المعركة متأخرا، فينبغي أن يعتب على نفسه التأخر والفوت، ليستدرك بذلك ما سبقه به السابقون فيجدّ في طلب منازلهم والترقي إلى مراتبهم، ولا ينبغي أن يتهم غيره بالتسرّع ليرضي نفسه ويُسكت ألم تأخره، ويسوّي نفسه بمن سبقوه بسابقة الفضل والإقبال والمبادرة..

فالبدار البدار لإدراك منازل الأبرار في جهاد المال والجاه والكلمة والسعي على المجاهدين وذراريّهم،و الله يوفقنا لإدراك مراتبهم ويكتب سعينا في ديوان مناقبهم..

أمدّوا غزّة وانووها عن أهليكم، وتصدّقوا على أهليكم وانووها عن غزة..!
فيكون لغزة إن شاء الله ثمرة المال وأجر النية..

فصل في تبكيت المبكَّت..
مع أن تبكيت المبكّت من تحصيل الحاصل، فإنه لا يخلو من متعة عقلية، وهذا التفصيل:

أما قولك: الله معنا فإن الله يقول: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)، ولا يرى العالم مؤمنه وكافره فيكم تقوى ولا إحسانا.
وأما قولك: أمريكا معنا، فنسرب إليك جوابها بعد حين: (فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه و قال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون).
وأما قولك: النووي معنا، فتمنّ ألا تصير قريتك تشرنوبيل أخرى، وإن بني عمك فيهم رماح..!
وأما قولك: القبة الحديدية معنا، فهي عافيتك وسجنك، وسنرى ما تصنع خارجها..
وأما قولك: الحكام العرب معنا، فمن صح فيه ذلك فهو هديتنا المسمومة لكم، وهل يزيدك الواهن إلا وهنا. وشكرا على المعلومة على كل حال.
وأما قولك: الأسلحة والمال معنا، فقد رأينا سلاحك في أيدي جرذانك الجبناء ما صنع، وأما المال فاستكثر منه ما استطعت، فإنك لا تدري لمن تجمعه..!

عقدنا اليوم قران أخ حبيب، وشقيق أخ حبيب، ودعونا له بالذرية الصالحة التي توحد الله ولا تشرك به، وتطيع رسوله ولا تعصيه، وتنصر الإسلام ولا تخذله، وتوالي أولياء الله ولا تعاديهم.

نحن أمة لا تموت بإذن الله، نحن الآخرون في الدنيا، السابقون يوم القيامة، نحن الباقون إلى آخر الدنيا لنكون شهداء على الناس..

فاصبروا وصابروا وسددوا وقاربوا وأبشروا..

أليس غموض الحق الأبلج على العقول في هذه الأيام من فتنة الدجال..؟!
اقرؤوا سورة الكهف يوم الجمعة تُعصموا من فتنة الدجال..

كيف يغلب الدولار الربوي الدينار النبوي، والله تعالى يقول:

(يمحق الله الربا ويربي الصدقات)

أنفقوا وأبشروا..!

هناك العقل، وهناك العقلانية..
العقل يحلل كل ما أمكنه من المعطيات، ويعترف بمساحات الظل التي لا يستطيع أن يفهمها ويحللها، ويفسح المجال أمام القوى الإنسانية الأخرى لتأخذ دورها في تحليلها واتخاذ القرار المتعلق بها: الإيمان، الرغبة، التضحية، المخاطرة، التجاهل، فالعقل يدرك أنه أحد موجودات العالم، ومحال على جزء من العالم أن يفسر كلّ العالم..
وأما العقلانية، فهي تعتبر عجز العقل عن إدراك أجزاء أخرى من العالم "هزيمة"، وبالتالي فهي تتعامل بعاطفية مغلفة، تحاول أن تعتبر أن كل المعطيات خاضعة لخطاطة واضحة، العناصر فيها بسيطة، والعلاقات أحادية. العقلانية تصطنع مثالا لما تريده العاطفة في صمت، ثم تقدّمه على أنه نتيجة العقل، وبهذا تتحول العقلانية إلى أداة شريرة، تختفي تحتها الرغبات والمخاوف في جبن وخور، ولكن عوض أن تعترف بذلك وتتعامل معه، فإنها تصدّره على أنه النتائج الحتمية للعقل..
العقل يخطط ويدبّر ويعمل وينتج، والعقلانية تخاتل وتزوّر وتبرر المواقف المخزية. العقل يمد الوشائج مع القدرات الأخرى للإنسان والكون لبناء الحياة وصناعة الفضيلة، وأما العقلانية فتتغول عليها، فإما أن تلتهمها وتحتويها(كما تفعل العقلانية مع نوازع التضحية)، وإما أن تغتالها(كما تفعل مع الإيمان).
العقل يتعرف آيات الله ويتفهم أحكامه، والعقلانية تنازع الله الخلق والأمر، فتخلق مفاهيم زائفة، وتبني عليها أحكاما جائرة، فالعقل هبة الله لعباده، مناط تكليفهم ومبدأ تدبيرهم، وأما العقلانية فهي بالنسبة إلى العقل كالمسيح الدجال للمسيح الأواب..

رجال أذلّوا المالَ بذلًا ونائلًا...وذلّوا لمن أعطوه ذلّ حياء

فكانوا لأهل القهر أسياف نصرة...وكان لأهل الفقر غيث سماء

إذا وكّل المولى العظيمَ شهيده...تبارَوا فكانوا صفوة الوكلاء..!

أمين يوسف الأحمدي قادري