https://www.facebook.com/100306769701016/

Klim et Margoum de Tunisie

ماضي و واقع و آفاق النسيج بولاية قفصة
قفصة ولاية عريقة تمتد جذورها إلى حوالي خمسين ألف سنة وتعتبر من أقدم الأماكن في العالم التي نشطت فيها صناعات النسيج .حيث بدأت قبل عشرة ألاف سنة تربية الماشية والتي أصبح صوفها مادة أولية لأنسجة تنوعت كلما تنوعت أدواة و آلات انجازها .
ومع تطور التعبير الفني عند الإنسان و كذلك فنون الصباغة انطلاقا من المواد و النباتات الواحية و الجبلية ،أصبح النسيج في قفصة وسيلة من وسائل التعبير ذو الدلالات الفنية و الثقافية والاجتماعية و العقائدية..
والى غاية اكتشاف مناجم الفسفاط في ولاية قفصة ،كان اقتصاد هذه الجهة يعتمد على صناعة عائلية وهي النسيج في المدن الواحية و القرى الجبلية و الأرياف وهي خصوصا : البطانية،الفراشية،الحولي،الكليم،الفليج،المرقوم،البخنوق و غيرها
وكانت سوق قفصة مزدهرة بهذه المنتجات إذ تقدم على هذه التجارة القوافل التي تأتي من الغرب و الشرق الإسلامي كما تكتظ بها الأسواق في مختلف الجهات التونسية ولعل أبرزها سوق اللفة بتونس العاصمة وكذلك سوق القيروان . ولقد تأثر الفنان التشكيلي العالمي بول كلي الذي قدم إلى تونس سنة 1914 منصوحا من أستاذه كاندانسكي والذي زار تونس سنة 1904 . تأثر بول كلي. في إقامته في هذه المدينة بالكليم القفصي و أشكاله و ألوانه و بقي ذلك جليا في جل أعماله التي أثرت على جيل كامل من الفنانين التشكيلين لعل ابرزهم موندريون..و تقول شهادات غربية من بينها ما جاء في مجلة فرنسية سنوات الاستعمار..كراسات الفنون الشعبية لشمال إفريقيا..تقول هذه المجلة أن الكليم القفصي قد الهم التيار الفني الذي انبثق عن انفتاح أوروبا عن العالم بتطور صناعة السفن و المستعمرات.. الهم الفن التشكيلي و خاصة التكعيبي..
و لقد كنت ترى الحولي و الفراشية القفصية في قصور البيات و دور الأعيان كما كان الكليم هدية الملوك و السلاطين..حتى عندما استقلت تونس، فكليم قفصة يوشح إحدى قاعات البيت الأبيض الأمريكي أهداه بورقيبة لكيندي كعربون لحضارة و تونس و إبداعات شعبها..
وفي فترة ازدهار الكليم القفصي في الخمسينات و الستينات و السبعينات في قفصة مع الفنان حميدة وحادة طلب الحبيب بورقيبة الابن من المكونة الثانية في الكليم القفصي السيدة فاطمة غلالة النزوح إلى تونس للتدريس في المعهد الوطني للفنون و الهندسة المعمارية و التعمير بتونس ثم في ورشات ديوان الصناعات التقليدية التي شغلت 800 حرفية قبل أن تنحل هذه المؤسسة و تتخوصص و تضيع ورشة نسيج الكليم..بعد هذه الفترة بدا التهميش و التضييق على القطاع إلى أن توفي حميدة وحادة بداية سنة ألفين و هو يسافر مرارا إلى تونس يحاول بنفسه بيع لوحة فنية من الكليم للمقر الجديد لوزارة الخارجية و هو يصارع المرض حتى وافاه الأجل و بقي ملفه في رفوف الوزارة..ثم جلبته بنفسي لعائلته..
بعدها تم كراء ورشات النسيج بالمندوبية الجهورية للصناعات التقليدية إلى مستثمر ليفتحه معمل خياطة و بذلك انتقلت اليد العاملة الكفئ في النسيج إلى مجالات أخرى..
اليوم ندرت الكفاءة و شحت المعارف و المهارات و التقنيات في هذا المجال بعد تجفيف كل المنابع و السياسات الفاشلة في أحسن الحالات..
البخنوق و المرقوم أفضل حالا رغم إنهما اقل حظا..
البخنوق هو اللحاف أو الوشاح الذي يغطي رأس و جسد المرأة الجبلية في قفصة و تحمل أشكاله و رموزه دلالات الانتماء القبلي و حتى العائلي لصاحبته و كذلك و وضعيتها الاجتماعية ..عزباء أم متزوجة..و يكون البخنوق غالبا احمر اللون تتخلله رموز بيضاء وفي القديم كانت تضاف إليها سطور من الأرضيات الزرقاء إذا كانت صاحبة البخنوق أرملة..و نذكر من أنواع البخنوق العرضاوي و الطرابلسي و التبسي و العياشي و البوسعدي و العمراني و هي حمراء و البخنوق السندي و هو اسود. و البخنوق القفصي هو أكثر ما في البلاد كثافة للرموز و الأشكال مقارنة بالأرضية..أما العجار و هو البخنوق الصيفي فيكون اقل حجما و اخف وزنا و أجود خيطا.
المرقوم ايضا هو نسيج جبلي ارضي يحاكي البخنوق في أشكاله رغم أن تقنيته تسمح له باستعارة أشكال من الكليم إشكاله تصل إلى أن تكون لغة مشفرة بين الأقارب و العشاق في مجتمع محافظ لا تكسب فيه المرأة مجالا للتعبير إلا لوحتها الفنية و هي المنسج الذي لا تعرف فك رموز أشكاله إلا هي فكما للأشكال المصغرة أو البيوت في الكليم دلالاتها فكذلك هو الحال بالنسبة للبخنوق و المرقوم.
عاشت المجتمعات الجبلية في قفصة منذ القدم معزولة عن المدن..نمط عيشها يعتمد على تربية الماشية و العمل الفلاحي و الترحال الموسمي في سنوات الجفاف.
و إلى اليوم نظرا لبدائية المواصلات و حالة الحافلات و اعتماد السكان على أسطول موازي من سيارات الأجرة تفتقر حتى إلى محطات مجهزة بمرافق صحية و يقتصر نشاطه على الفترة الصباحية..و نظرا لاهتراء البنية التحتية للطرقات ..نظرا لهذا و مثله بقيت هذه المناطق مهمشة و حال البخنوق و المرقوم كحالها.رغم أن أصحاب عربات النقل الريفي يتحولون في بعض الأحيان إلى تجار يسوقون المنتوج لمحلات الأسواق السياحية في تونس و القيروان و الحمامات و سوسة و المهدية و جربة.
الكليم كان نسيجا تونسيا يصدر إلى الخارج و يشغل الفتيات المنقطعات عن الدراسة و يجلب للبلاد العملة الصعبة..و اليوم أخذت محله الزربية التي وجدت حظوة حكومية اكبر فلنا مثلا أن نذكر أن في تونس العاصمة كما في القيروان مركزين للابتكار و التجديد في النسيج و الزربية منذ أكثر من عشرة سنوات بينما ليس في قفصة سوى مندوبية موظفوها يعدون على الأصابع.
الكليم و المرقوم هما مستقبل النسيج في تونس و جالبا العملة الصعبة و مشغلا الفتاة المنقطعة عن الدراسة و خاصة الريفية و لكن إذا كانت هناك إرادة سياسية و تضامن جهوي..الكليم و المرقوم لا تعلق فيهما الأوساخ و الأتربة خفيفا الوزن سهلا الطي يقبلان التنظيف بالمكنسة أو الآلة و طيعين للغسل يدويا أو بالمغسلة..
في قفصة قرابة الألفي حرفية في ميدان النسيج منهن واحدة و ثلاثون فقط مسجلات لدى المندوبية الجهوية للصناعات التقليدية بقفصة.
في سنة 2006 أمر الرئيس السابق زين العابدين بن علي في خطاب بخصوص ولاية قفصة..أمر بإحداث مركز قطاعي مندمج للصناعات التقليدية بقفصة..و بما أني تحصلت في نفس السنة على الجائزة الوطنية للابتكار في الصناعات التقليدية في معرض الكرم و كوني مهندسا معماريا و في نفس الوقت باحث و مجدد و مدرس في النسيج القفصي
طلب مني المندوب الجهوي للصناعات التقليدية السيد خالد التولقي انجاز الملف الهندسي للمشروع حيث التقينا في مكتب المدير الجهوي للتجهيز و الإسكان السيد عبد السلام الغربي الذي أمدني بمثال الأرض و عليها ختم المندوبية و تقع في حي سيدي احمد زروق و هي على ملك الدولة..سالت عن البرنامج الوظيفي فقال لي المندوب ابحث و اقترح..و كان الأمر كذلك فجبت الولايات التي بها مراكز أو معاهد فنية أو تقنية و اتصلت بمهندسين للاستئناس بأمثلتهم الهندسية و شرعت في العمل لثلاث سنوات من التغيير و المراجعة..و المندوبية في كل مرة تطلب مني تغييرات و نسخ من الأمثلة و الملفات..ثم عم الصمت إلى اليوم.
في الختام اذكر بالبرنامج الوظيفي لهذا المركز..مأوى سيارات تحت ارضي..بهو رئيسي..مكاتب..قاعة اجتماعات..مراحيض رجال و نساء..متحف للنسيج القفصي ..معرض لتسويق منتوجات المركز..محضنة مؤسسات..مبيت ..مخبر..قاعة أكل..مقهى..مطبخ..قاعات تدريس..ورشات مع مغازات..مكتبة..قاعة محاضرات..مغازة مركزية..مركبات صحية..
المهندس المعماري
حسام الدين الشريف