لمن أهدي أزاهير العيد
نصوص نثرية للكاتبة الأردنية حنان بيروتي/لمن أهدي أزاهي
بيت بلا جدران
أمي..
أحس أني مخنوقة، أتمنى أن أذهب إلى أي مكان فيه رائحتك ودفء حضورك، أي بيت متواضع. المهم ألا تذكرني الجدران وقطع الأثاث فيه بأنه ليس بيتي!.
تسألين إن وقعت مشاحنات بيننا؟ أنا وبيت عمي؟ لا، لا تخافي يا أمي، علمتني التجارب أن ألزم حدودي، إن دار نقاش حول الغداء لذلك اليوم أعرف إن علي الصمت، وألا أتدخل،حتى إن سئلت على سبيل المجاملة الجارحة أجيب على الفور أني أحب كل شيء وأي شيء. لا شأن لي بالتفاصيل العائلية، ألا يكفي أني بت ضيفة مقيمة عندهم بعد طلاقكما أنت وأبي؟.
أجلس بتوتر، أمشي بحذر، إذا شربت بكأس أغسلها على الفور وأعيدها لموضعها قبل أن تذكرني عيون الآخرين قبل ألسنتهم بأن علي أن أفعل ذلك، إذا سقطت نقطة عصير أمسحها قبل أن تجف، حتى قبل أن أبتلع ما ارتشفته للتو. تفاصيل تبدو هامشية للآخرين، لن أوجع رأسك بسماعها.
اليوم شعرت باختناق، بودي لو أصرخ أو أنتحب أو أهرب لنوم طويل.. ماذا أفعل؟.
أريد أن أرجع لبيتي، بيتنا.
قالت لي ابنة عمي بتودد استغربته: إذا أردت الذهاب لبيت جدك اليوم.. اذهبي!.
أتيت إليك لأكون معك، أخزن طاقة للغد، أنفس عما في أعماقي، أسر لك بما إن أبقيته محتبسا داخل نفسي يحرقني مثل جمرة.. أعيشك أمي مثل حلم، وأجدد التصميم أن أعيد رجائي لأبي أن يدعني أعيش معك في بيت جدي. توسلت وبكيت بحرقة، لكنه خيرني بين البقاء في بيت عمي وبيته الجديد، حيث زوجته التي تبتسم كلما رأتني وعيناها تحدقان بوجهي كأني كائن فضائي. لن أتوقف عن الطلب والتوسل، هي أحلام تنبض في قلبي كل ليلة، أغفو عليها وأستمد منها القدرة على التحمل والاستمرار، لكن كل شيء تغير الآن!.
لحظة أبلغتني خبر زواجك القريب، انكسرت يا أمي، وتهشم بيتي الذي حرمت منه حتى في الحلم. العالم كله بات غريبا عني، وأنت معبد بلا جدران، أحمل حقيبة كبيرة، أقرع باب بيت عمي، جدرانه وقطع أثاثه تذكرني بأنه ليس بيتي، لكن روحي تتشرب كل التفاصيل الباردة بانكسار، فبعدك أمي لم يعد لي بيت!.
https://youtu.be/bha29B-BKfY?si=NQq7Ecv-TmLXun7O
My Movie mp كتاب مسموع حنان بيروتي 4ليت للبحر لسانا يحكي قصص مسموعةليت للبحر لسانا يحكي
يا الله
لم يعد القلب ينبض
إلا ليبكي
أمي
أخذت برحيلك جزءاً من قلبي وقطعة من روحي ، ثمة جزء مني لما يزل يضرع متلفهاً لكِ .. أيّتها الحضن المشتهى الذي لا يعرف أشواك الغدر وبرودة الغياب وأسنّة البعد والجفاء ..
الغرفة ( 12 ) في المستشفى الذي شهد موتك كنت أحسها بيتي ! الله !... كيف المكان بوجود الأم هو مكانك ، تحسّ الهواء والبلاط ووجوه الجيران .. وأزهار البيت . . تألفك وترحب بكِ ...